هبه سراج
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

هبه سراج

الحياة والمشاكل المعاصرة
 
الرئيسيةأحدث الصورالتسجيلدخول

 

 حكاية نزار قبانى فى الولادة على سرير أخضر

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
Admin
Admin



المساهمات : 265
تاريخ التسجيل : 08/07/2008
العمر : 31

حكاية نزار قبانى فى الولادة على سرير أخضر Empty
مُساهمةموضوع: حكاية نزار قبانى فى الولادة على سرير أخضر   حكاية نزار قبانى فى الولادة على سرير أخضر Icon_minitime1الخميس فبراير 12, 2009 2:08 am

يوم ولدت في 21 آذار(مارس) 1923 في بيت من بيوت دمشق القديمة, كانت الأرض هي الأخرى في حالة ولادة.. و كان الربيع يستعد لفتح حقائبه الخضراء.

الأرض و أمي حملتنا في وقت واحد..و وضعتنا في وقت واحد.

هل كانت مصادفة يا ترى أن تكون ولادتي هي الفصل الذي تثور فيه الأرض على نفسها, و ترمي فيه الأشجار كل أثوابها القديمة؟ أم كان مكتوباً علي أن أكون كشهر آذر, شهر التغيير و التحولات؟.

كل الذي أعرفه أنني يوم ولدت, كانت الطبيعة تنفذ إنقلابها على الشتاء.. و تطلب من الحقول و الحشائش و الأزهار و العصافير أن تؤيدها في إنقلابها..على روتين الأرض.

هذا ما كان يجري في داخل التراب, أما في خارجه فقد كانت حركة المقاومة ضد الإنتداب الفرنسي تمتد من الأرياف السورية إلى المدن و الأحياء الشعبية. و كان حي (الشاغور), حيث كنا نسكن, معقلاً من معاقل المقاومة, و كان زعماء هذه الأحياء الدمشقية من تجار و مهنيين, و أصحاب حوانيت, يمولون الحركة الوطنية, و يقودونها من حوانيتهم و منازلهم.

أبي, توفيق القباني, كان واحداً من هؤلاء الرجال, و بيتنا واحداً من تلك البيوت.

و يا طالما جلست في باحة الدار الشرقية الفسيحة, أستمع بشغف طفولي غامر, إلى الزعماء السياسيين السوريين يقفون في إيوان منزلنا, و يخطبون في ألوف الناس, مطالبين بمقاومة الإحتلال الفرنسي, و محرضين الشعب على الثورة من أجل الحرية.

و في بيتنا في حي (مئذنة الشحم) كانت تعقد الإجتماعات السياسية ضمن أبواب مغلقة, و توضع خطط الإضرابات و المظاهرات و وسائل المقاومة. و كنا من وراء الأبواب نسترق الهمسات و لا نكاد نفهم منها شيئاً..

و لم تكن مخيلتي الصغيرة في تلك الأعوام من الثلاثينيات قادرة على وعي الأشياء بوضوح. و لكنني حين رأيت عساكر السنغال يدخلون في ساعات الفجر الأولى منزلنا بالبنادق و الحراب و يأخذون أبي معهم في سيارة مصفحة إلى معتقل (تدمر) الصحراوي..عرفت أن أبي كان يمتهن عملاً آخر غير صناعة الحلويات..كان يمتهن صناعة الحرية.

كان أبي إذن يصنع الحلوى و يصنع الثورة. و كنت أعجب بهذه الإزدواجية فيه, و أدهش كيف يستطيع أن يجمع بين الحلاوة و بين الضراوة..

1970
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://hibaserag.yoo7.com
 
حكاية نزار قبانى فى الولادة على سرير أخضر
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
هبه سراج :: القسم الثقافى :: شعر وشعراء-
انتقل الى: