هبه سراج
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

هبه سراج

الحياة والمشاكل المعاصرة
 
الرئيسيةأحدث الصورالتسجيلدخول

 

 تكملة تشكل الموقف النقدي في ظل الحداثة الشعرية المضادة عند نزار قباني

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
Admin
Admin



المساهمات : 265
تاريخ التسجيل : 08/07/2008
العمر : 31

تكملة تشكل الموقف النقدي في ظل الحداثة الشعرية المضادة عند نزار قباني Empty
مُساهمةموضوع: تكملة تشكل الموقف النقدي في ظل الحداثة الشعرية المضادة عند نزار قباني   تكملة تشكل الموقف النقدي في ظل الحداثة الشعرية المضادة عند نزار قباني Icon_minitime1الخميس فبراير 12, 2009 5:11 am

والعامل الثاني الذي يضع أيدينا على مفاصل الحداثة عند نزار قباني هو خلخلته لبنية النص الشعري التي كانت سائدة في تلك الفترة فقد وظف لأول مرة لغة شعرية لم تكن تحتل أدنى مكانة بالنسبة إلى النص الشعري السابق، أعني لغة الشارع، واللافت للنظر أنه في تجديده وتطويره للمعجم الشعري اللغوي، لم يكن يستبقي تلك الكلمات على حالها، بل كان يعيد إنتاجها شعريا بإدخال كلمات ومفردات اجتماعية متداولة عامية ودارجة على النسيج الشعري، ويجعل منها مفردات شعرية، وهنا يكمن الدور الهام الذي قام به نزار قباني على صعيد تجديد اللغة الشعرية."

ويؤكد الدكتور صلاح فضل الفكرة السابقة عند العوفي، حيث اعتبر أن الحسية التي التمسها عند نزار قباني في كتاباته ومواقفه هي امتداد لتلك اليقظة الرومانسية ودعوة للاعتراف بالجسد الإنساني كآلية من آليات الوعي في القرن العشرين، وقد تمظهر المشروع الحداثي لهذه الكتابة من الناحية الأسلوبية تمظهرا وظيفيا ارتبط "بمدى قدرتها على التعبير عن روح العصر الجديد وتحديث الحساسية الجمالية له، ومواجهة المحرمات المتراكمة فيه. فهي بذلك تجربة ثورية إنسانية إلى حد كبير تقاوم الحس الخلقي المزدوج بين السر والعلانية في عالمنا العربي، لتضفي عليه قدرًا من التماسك والانسجام، وتعد استجابة متفاعلة لموجة المواجهة الواقعية للمتغيرات الجديدة في الحياة والفنون ..."

لهذا كثيرا ما رفض نزار النخبوية الحداثية التي ظلت تبتعد عن الاختلاط بالمواطن العربي، من خلال كتابات تتعالى فيها عن قصد على الجمهور العربي يقول:

"يصعب أن أتصور شعرًا عربيًا حديثًا لا يخاطب أحدًا ... ولا يقنع أحدًا..ولا يعبر عن أفراح ولا عن أحزان أحد. إن صوت الشاعر لابد أن يصطدم بجدار بشري ما..يثبت أنه حي..أما الصوت الذي لا يصطدم بشيء، فهو ليس سوى حشرجة لغوية لا صدى لها. إن مشكلة الحداثيين أنهم لم يكتبوا رسالة حب واحدة لأي مواطن عربي، فكيف يريدون من الشعب أن يحبهم إذا كانوا يجهلون أدب المراسلة ؟"

وبناء على هذا ذهب نزار قباني إلى درجة تحديد شروط الحداثة في الشعر انطلاقا من ضرورة مراجعة التراث مراجعة واعية ومسؤولة، لنستفيد منه بدل الحكم عليه بالموت والاندثار، يقول: "خطأ كبير أن نتصور أن الحديث لكي يكون حديثا لابد له من ارتكاب جريمة قتل ضد السابق له زمنيا، فمثل هذا التصور سيجعل التاريخ مقبرة أو مذبحة لا ينجو منها في النهاية أحد. إن الحداثة طابور طويل جدًا يقف فيه الشعراء في أمكنتهم التي يحددها التاريخ، والشاعر العظيم لا يأتي من العدم ولا من المصادفة، فالمصادفات قد تحدث على طاولة القمار، ولكنها لا تحدث في الشعر، وليس الشاعر هو الذي يقرر أنه عظيم أو حديث أو خطير، فعظمة الشاعر أو حداثته أو خطورته يقررها الوجدان العام، وتحكم فيها محكمة شعبية لا تقبل الرشوة، ولا الابتزاز، هذه المحكمة الشعرية الشعبية هي وحدها التي تستطيع أن تأخذ الشاعر إلى المجد أو تأخذه إلى السجن، وعلى هذا الأساس فإن تسعين بالمائة من شعراء الحداثة سيذهبون إلى السجن" .

ويؤكد نزار في مناسبات عديدة على ضرورة ربط التجربة الشعرية الحداثية بالتراث ربطا فكريا إجرائيا مباشرا، ينسجم مع روح التراث من خلال إدراك الوعي الجمالي والثقافي والفكري فيه، وليس اجتراره والعمل على تمثله في الشكل والمضمون يقول: "كل الولادات الشعرية الحديثة تمت نتيجة عملية قيصرية، ما من شاعر ولد ولادة طبيعية وخرج من بطن التراث، الطفل الشرعي هو الذي يتغذى من أم يعرفها وينتسب إلى أبويين معروفين ويحمل مكونات التراث، ثم يترعرع في بيئته ككل الأطفال الطبيعيين...من قال إنني أكتب القصيدة وحدي؟ أشعر بأن عشرة آلاف شاعر يكتبونها معي، من طرفة إلى الحطيئة إلى أبى تمام إلى المتنبي وشوقي... الشاعر الذي ينسجم مع روح التراث ويتمثله يتجه رأسا إلى وجدان القارئ العربي. أما الشاعر الذي يعتمد على الصراعات والبدع المستوردة فإنه يسمم الجمهور...هذا الشعر يرفضه القراء" .

ويرفض نزار أن تكون التجربة الثقافية وحدها سبيل الشعر وأن قراءة الآثار الغربية واحتواءها ومحاكاتها شعريا يقود الشاعر إلى دخول عالم الحداثة الشعرية، فالتجربة الثقافية العربية تختلف كثيرا عن التجربة الثقافية الغربية، ورغم اطلاعنا عليها(الغربية)نبقى دائما في حاجة إلى احتواء تجاربنا الفكرية والإبداعية المشرقة عبر التاريخ، "إن مجموع التراث من الحلاج والمتنبي والمعري، يشكل نهرًا له ضفاف، الفكر العربي له ملامح، والشعر العربي له ملامح، ما نقرأه مما يسمى بشعر السبعينيات، ماذا يقول؟فهو لا يستقي من مياه التاريخ ولا هو انعكاس لهموم الحاضر.أما المستقبلية التي يدعيها :فما دام هو فوضى فكيف سينشئ مستقبلا؟".

ويفهم من المواقف السابقة المشكلة للحداثة النزارية المضادة، أن نزار لا يرفض التراث ولا يدعو إليه في الوقت ذاته، كما أنه لا يرفض التجارب الثقافية الغربية، ولا يدعو إليها أيضا، وإنما يدعو إلى ضرورة ولوج عوالم الكتابة انطلاقا من تحديث الذات المبدعة أولاً، ولا يستقيم هذا في الفكر النزاري إلا بتمثل هذه الذات وربطها بالتجربة الثقافية عبر مراجعات واعية للتراث ثم الانطلاق نحو المصاهرة الثقافية الغربية التي لا تعني بالضرورة الانكفاء عن تحقيق الأنا المبدعة، والتماهي أمام الآخر الغربي، وتمثل آلياته الإبداعية في الشكل والمضمون. من هنا رفض نزار نمط الحداثة الاستعراضية التي فرضت على الذوق العام جراء المحاكاة والتنميط واجترار التجارب الفكرية والثقافية لدى الآخر الغربي يقول: "إن الاستعراضية ليست هما من همومي، وليس يعنيني مطلقا في زحمة من يلهثون للحصول على بركة الحداثة، أن أكون أحد اللاهثين.هناك من يشتغلون على الحداثة ولا يتكلمون وهناك من لا يشتغلون على الحداثة ويعقدون مؤتمرا صحفيا يقولون فيه إنهم كانوا يتعشون مع نازك الملائكة عندما كانت تكتب قصيدة الكوليرا...كل ذلك أورده لأقول أن مدعي الحداثة كثيرون، حتى صارت الحداثة كما سبق لي وذكرت، إشاعة نسمع عنها ولا نراها... أريدك أن تقول لي ما هي؟ ما هي مرتكزاتها ؟ ما هي مواصفاتها؟ ما هي خصائصها؟...لا أريد تعريفا لها في المطلق، أريد نموذجا علمانيا. أريد نصا حداثويا يستطيع أن يتفاعل مع الذوق العربي العام، ويثير الدهشة، ويغطي هموم الناس في هذا الوطن على صعيد الثرثرة الأيديولوجية ومزايدات المقاهي الثقافية، هناك كلام كثير عن الحداثة ولكن ميدانيا وعلى الأرض...(ما في حدا.. لا تندهي ما في حدا...)كما تقول مطربتنا فيروز..." .

وأصل إلى القول بأن نزار قباني قد استطاع في قراءته لإشكالية الحداثة على الساحة العربية أن يخلق في كتاباته الشعرية على مسار خمسين سنة من العطاء نوعا من التطابق الذكي بين وعي الحداثة الغربية كرؤيا وتشكيل لا يمكن تجنبه في بناء التجربة الشعرية ووعي الموروث العربي، وقراءة الواقع الاجتماعي والسياسي قراءة موضوعية. ومن خلال هذا الوعي المزدوج رسم نزار قباني أسئلة حداثته المضادة التي احتوت مواقفه من الكتابة والتشكيل الشعري، ومن الواقع المعيش بكل تمظهراته وهذا ما يبرر الوصلة الاجتماعية والسياسية في شعره وفي نثره على السواء. والتي تشكلت في ملمح أساسي من ملامح الحداثة المضادة عند نزار هو ملمح المرأة، وهنا"تكمن شجاعة نزار، إذ لم يكن يحفل بجبروت السلطة النقدية، بل راح يشتغل من خلال ثيمة رهيبة تسكننا جميعا، فالشعراء العرب المحدثون كانوا كلهم يحسون بعمق هذه المأساة، فلم يكن يسمح لهم بأن يتغزلوا بالمرأة كامرأة باعتبار أن هناك إرهابا نقديا وفكريا يسكنهم من الخارج. ولذلك كانت المرأة تحضر بتلاوين وأشكال مختلفة فهي تارة رمزٌ للوطن وتارة رمز لقضية قومية. وهذا يمثل نوعا من الكبت الباطني الذي يعانيه الشعراء العرب الحديثون دون استثناء من السياب وصلاح عبد الصبور والبياتي إلى محمود درويش، هنا كان نزار قباني شاعرا حداثيا حتى النخاع، إذ لم يكن يعبأ بهذه الأنساق، واشتغل بوضوح وبعمق في ثيمة كان يتخوف منها الكثيرون.لهذا نجد في الفترة الأخيرة العديد من شعراء ما بعد الحداثة يشتغلون ضمن الرؤية الإيروتيكية للمرأة، وكأننا بهؤلاء الشعراء قد فطنوا إلى أن الشعر العربي قد ضيع زمنا تجاهل فيه الأجساد وتلك اللغة الجميلة التي سبق أن ابتدعتها عبقرية نزار قباني الشعرية والفنية " ).

المصدر
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://hibaserag.yoo7.com
 
تكملة تشكل الموقف النقدي في ظل الحداثة الشعرية المضادة عند نزار قباني
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
هبه سراج :: القسم الثقافى :: شعر وشعراء-
انتقل الى: